منصة بينانس الأمريكية (Binance US) تخفض رسومها لتقارب الصفر بعد تراجع حصتها السوقية إلى 0.20%
قامت منصة بينانس الأمريكية بخفض رسومها إلى مستوياتٍ قريبةٍ من الصفر بعد انخفاض حصتها الحاد من السوق الأمريكية إلى 0.20%. ووفقاً لمنشور رسمي للمنصة على X اليوم، أصبَحت رسوم الصانع 0% ورسوم الآخذ 0.01% على أكثر من 20 زوجاً من أزواج العملات الرقمية، بما في ذلك عملة إيثيريوم (Ethereum-ETH) وعملة سولانا (Solana-SOL) وعملة بينانس (Binance Coin-BNB) وعملة كاردانو (Cardano-ADA)، دون أي متطلباتٍ تتعلق بالاشتراك في المنصة أو حجم التداول.
ورغم هذه التخفيضات الضخمة، ما تزال أحجام التداول عبر المنصة ضئيلةً للغاية، حيث انخفضت حصتها بالنسبة لحجم تداول الدولار الأمريكي من حوالي 10% في السابق إلى 0.20% تقريباً في شهر آب/أغسطس.
ويبلغ حجم التداول اليومي الحالي للمنصة حوالي 15.5 مليون دولار مقارنةً بـ 2.9 مليار دولار لمنصة كوينبيس (Coinbase) و1.3 مليار دولار لمنصة كراكن (Kraken) -إذا ما اعتبرنا حجم التداول المنظم- وفقاً لبيانات موقع CoinGecko.
من رائدة الرسوم الصفرية إلى فكرة ثانوية في السوق
تُمثل تخفيضات الرسوم الأخيرة المُحاولة الكبرى الثانية لمنصة بينانس الأمريكية من أجل زيادة حصتها في السوق من خلال تغييراتٍ جذريةٍ في نظام التسعير الخاص بها، بعد أن أتاحت في البداية تداول عملة بيتكوين (Bitcoin-BTC) بدون رسوم في حزيران/يونيو 2022.
وقد شمل هذا التداولَ الفوريَّ على أربعة أزواج وهي زوج عملة بيتكوين/عملة الدولار (BTC/USD) وعملة بيتكوين/عملة تيثر (BTC/USDT) وعملة بيتكوين/عملة يو إس دي سي (BTC/USDC) وعملة بيتكوين/عملة بي يو إس دي (BTC/BUSD)، كما تمت إضافة أزواج عملة إيثيريوم (Ethereum) في كانون الأول/ديسمبر 2022.
وانخفض حجم التداول بنسبة 99% من حوالي 5 مليار دولار أسبوعياً في آذار/مارس 2023 إلى حوالي 40 مليون دولار بحلول أيلول/سبتمبر 2023، عقبَ دعوى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) ضد المنصة.

وفي حزيران/يونيو 2023، وجّهت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) عدَدَ 13 تهمةً إلى منصة بينانس والرئيس التنفيذي تشينجبينج تشاو (Changpeng Zhao) ومنصة بينانس الأمريكية تتعلق بتشغيل المنصة كبورصة أوراق ماليةٍ غير مسجلةٍ والتلاعب بالأسواق.
وفي غضون 24 ساعة من الدعوى، تكبّدت المنصة إجمالي خسائر بلغت 1.43 مليار دولار، حيث لاذ المتداولون بالفرار خوفاً من تجميد أموالهم. على الفور، قطع الشركاء المصرفيون علاقاتهم بالمنصة، ما أجبرَها على تعليق إيداعات الدولار الأمريكي وتحذير العملاء من سحب الدولارات الخاصة بهم قبل توقف الخدمات تماماً.
وظلت المنصة تعمل كمنصةٍ لتداول العملات الرقمية فقط مدة 19 شهراً حتى شباط/فبراير 2025، عندما أعادت خدمات الإيداع والسحب بالعملات النقدية من خلال التحويلات البنكية عبر شبكة المقاصة الآلية(ACH) . وحتى بعد أن أسقطت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) دعوَاها ضد المنصة طوعاً في أيار/مايو 2025، لم تتعافَ أنشطة تداولها بشكلٍ ملحوظٍ رغم تلاشي المخاطر القانونية الكبرى.
بعد ذلك، أضافت المنصة أكثر من 20 زوجاً من العملات إلى نموذج الرسوم المنخفضة الجديد، وتخضع جميع أزواج العملات الآن إلى رسوم الآخذ بنسبة 0.01% مع الحفاظ على رسوم صانع السوق عند 0%.
هل يمكن لنظام التسعير وحده أن يساعد على تعافي المنصة المتضررة؟
بفضل هيكل رسومها الحالي، أصبحت منصة بينانس الأمريكية أقلَّ المنصات رسوماً في السوق الأمريكية، متفوقة بذلك على منصة كوينبيس (Coinbase) -التي خفضت رسوم الصانع/الآخذ بنسب 0.40%/0.60% على الترتيب- ورسوم منصة كراكن (Kraken) المعتادة البالغة 0.16%/0.26%.
مع ذلك، رسخّت المنصات المنافسة مكانتها في السوق خلال فترة الصعوبات التنظيمية التي عانت منها منصة بينانس الأمريكية، حيث حافظت منصة كوينبيس على حصتها من السوق الأمريكية البالغة نحو 60-65%، وسجّلت حجم تداول قدره 393 مليار دولار في الربع الأول من عام 2025.
من جهتها، احتلت منصة كراكن المركز الثاني بحجم تداول بلغ 186.8 مليار دولار في الربع الثاني من 2025، وقد استحوذت مؤخراً على منصة NinjaTrader مقابل 1.5 مليار دولار لتوسيع عروضها في المشتقات المالية.
كذلك، أشار مراقبو القطاع إلى أن تخفيضات الرسوم لا تكفي وحدَها للتغلب على تراجع الثقة ومخاوف السيولة التي نشأت خلال فترة 19 شهراً، لم تقدم فيها المنصة خدمات العملات النقدية.
كما ظلت نسبة التبني المؤسساتي لمنصة بينانس الأمريكية منخفضة مقارنةً بمنافساتها مثل كوينبيس، والتي تدير أكثر من 400 مليار دولار من الأصول وتقدم خدمات الوصاية بشكلٍ كبير.
فوق ذلك، يُواصل ارتباط المنصة بشركة بينانس العالمية إثارةَ التساؤلات حول الامتثال التنظيمي لدى العملاء المؤسساتيين المحتملين، حتى بعد إسقاط قضية لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية وتغيير الإدارة.
من جهةٍ أخرى، أدى عدم اليقين التنظيمي إلى عزوف المستثمرين المؤسساتيين عن المخاطرة في المنصات التي سبق أن تعرّضت لإجراءات إنفاذ، بغض النظر عن نتائج تلك القضايا. من جانبه، قال الرئيس التنفيذي المؤقت نورمان ريد (Norman Reed) في كانون الأول/ديسمبر 2024: “أعتقد أن عام 2025 سيكون عاماً مميزاً بالنسبة لمنصة بينانس الأمريكية، حيث يبذل فريقنا قصارى جهده كي تستعيد المنصة أمجادها السابقة”.
في النتيجة، تُخطط المنصة لإطلاق ميزاتٍ جديدة وتوسيع مجموعة منتجاتها طوال عام 2025، في محاولةٍ منها لاستعادة مكانتها داخل السوق في ظل الأوضاع التنظيمية المواتية بعد موقف إدارة ترامب الداعم للعملات الرقمية.