منصة ماتريكسبورت (Matrixport) تحذر من إظهار السوق بوادر إرهاق بسبب ضعف ورود السيولة رغم بقاء معروض العملات المستقرة مرتفعاً
تومض منابع السيولة الواردة إلى أسواق الكريبتو مؤخراً بإشاراتٍ تحذيرية، إذ يفيد تحليل مُوسّع للأسواق أجرته منصة ماتريكسبورت (Matrixport) بأنه رغمَ بقاء إجمالي معروض العملات المستقرة قريباً من أعلى مستوياته على الإطلاق، فإن موارد السيولة المتدفقة إليها بلغت بالفعل ذروتَها لتبدأ بالتباطؤ، وهو ما يُعَد مؤشراً واضحاً على إرهاق المشترين.
فقد أشارت المنصة إلى أن معدّل إصدار كمياتٍ جديدة من معروض العملات المستقرة لآخر 12 شهراً بلغ ذروتَه أواخر تشرين الأول/أكتوبر ليبدأ بعدها بالتراجع، ويتزامن هذا التباطؤ مع انخفاض قيمة عملة بيتكوين (Bitcoin-BTC) بنحو 3%، حيث بلغ سعرُها صباح اليوم الثلاثاء حوالي 85,860$ وسَط مُعاناته لاستعادة مستويات متوسطات الحركة الرئيسية.
البيانات: مخزون السيولة مقابل تجدد منابعها
ظاهرياً، تبدو سيولة العملات الرقمية وفيرةً؛ إذ تتجاوز القيمة الإجمالية لمعروض عملة تيثر (Tether-USDT) التابعة لشركة تيثر (Tether) وعملة يو إس دي سي (USD Coin-USDC) التابعة لشركة سيركل (Circle) قيمة 260 مليار دولار. مع ذلك، تُؤكد Matrixport أن أرقام المعروض المُعلن تُخفي إشارةً أكثرَ أهمية، وهي أن منابع السيولة الجديدة اللازمة للحفاظ على زخم الأسعار آخذة بالنُضوب.
وتعزو المنصة هذا التباطؤَ بالأساس إلى تحوّل الاحتياطي الفيدرالي اتّباع نهج أكثر حذراً بشأن الخفض المستقبلي لمعدلات الفائدة بقولها: “قد يكون للقيود السياسية تأثيرٌ أكبر على تحركات السوق ممّا يتوقعه المستثمرون”، مضيفةً أن ظروف السيولة ما تزال مقيّدةً بضعف مشاركة صغار المستثمرين.
لماذا لم تعد وفرة معروض العملات المستقرة تحفز ازدياد الرغبة بالمخاطرة؟
تُسلّط منصة ماتريكسبورت (Matrixport) الضوء على تباين جوهري بات يؤثر في تحركات السوق الحالية:
- مخزون السيولة: المعروض الكلي للعملات المستقرة مستمر بالارتفاع، ما يُوفر نظرياً سيولة كافية.
- موارد السيولة: تراجعت وتيرة الاستثمارات الواردة مؤخراً بشكلٍ حاد؛ فبدلاً من تحويلها باتجاه الاستثمار في أصولٍ عالية المخاطر، بقيت إما راكدةً أو أعيد تدويرها باتجاه أدواتٍ ماليةٍ مُدرّة للعوائد.
تربط المنصة هذا السلوك بتزايد انعدام اليقين حول مسار سياسات الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما أكدته المخرجات الأخيرة لاجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) بعدم توفيرها وضوحاً كافياً بشأن توقيت أو عمق التيسير النقدي المتوقع.
استجابة السوق: تزايد الأضرار على المستوى الفني
تحوّلت تحركات الأسعار إلى موقفٍ دفاعي، وتشير بيانات منصة ماتريكسبورت إلى أن سعر عملة بيتكوين (Bitcoin) فقدَ مؤشرَ اتجاه السوق الصاعدة للمرة الأولى منذ عدة أشهر، ما يوحي بتراجع كامن للزخم.
ومع ترجيح إحجام الاحتياطي الفيدرالي خفض معدلات الفائدة بقوة خلال الربع الأول من عام 2026، تُحذّر المنصة من أن “موجة التصحيح الممتدة منذ تشرين الأول/أكتوبر” قد تمتدُّ ما لم يظهر مُحفزٌ جديد على مستوى الاقتصاد الكلي أو السيولة.
النهج المؤسساتي: السرعة أهم من الحجم
تؤكد منصة ماتريكسبورت (Matrixport) أن التباين الجوهري بين توجهات المؤسسات والأفراد يكمن في استيعاب الفرق بين مخزون السيولة وتجدّد مواردها.
فبينما قد تبدو سيولة معروض أكبر عملتين مستقرتين -البالغة 260 مليار دولار- مؤشراً إيجابياً، إلا أنه في غياب تسارع وتيرة الإصدار وتدوير السيولة باتجاه الأصول الرقمية، فإنّ الأمر يصبح أشبه بخزانٍ مائي احتياطي أكثرَ من اعتباره فيضاناً، وترى مكاتبُ المؤسسات أن تردّدَ الاحتياطي الفيدرالي سيحدُّ من الشهية للمخاطرة واستخدام أداة الرافعة المالية بمضاعفاتٍ عالية.
وإلى أن تنخفض تكلفة الاقتراض المالي بشكلٍ ملحوظ، أو تتسارع وتيرة الإصدار الدوري لمعروض العملات المستقرة، تُرجح منصة Matrixport استمرار التقلبات السعرية بالتذبذب ضمن نطاق ضيق وتستبعدُ حدوث انطلاقاتٍ مستدامة.